في ظني أن أفضل وأنجح البرامج التلفزيونية العربية في 2009 على الإطلاق كانت برامج الطبخ.. لقد عمقت معظم البرامج السياسية العربية ومازالت الخلاف بين العرب، وسطحت البرامج الثقافية معظم القضايا وأدخلت البرامج الاجتماعية قيماً وعادات لا علاقة لها بالعرب، وسخنت، بل "سخمت" وسممت البرامج الرياضية العربية العلاقات الوطيدة بين الجماهير العربية.. وحدها برامج الطبخ التي لم تكذب.. إذ كيف تكذب في الخلطة أو في السلطة أو في المقادير؟
لقد نجح مذيعو ومذيعات الطبخ في تقديم وجبات عربية وغير عربية جيدة تفيد الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، على العكس من مذيعي ومذيعات البرامج السياسية الذين ينحازون لهدم الجدار على سبيل المثال لأسباب سياسية محضة، ثم ينحازون لبنائه لأسباب أخرى.. وعلى العكس، كذلك من البرامج الفنية التي تصنع من عديمي الموهبة نجوماً ومن فاقدي الإبداع عمالقة في الطرب والتمثيل..
وحدها برامج الطبخ التي لم تنجرف وراء مزاج المذيع أو ميوله الخاصة على عكس البرامج الاجتماعية التي باتت تعكس مشاكل المذيعات والمعدات.. فهذه مطلقة وتلك ناشز والثالثة تريد أن تقود رجلها في البيت ومن ثم تحولت برامجنا الاجتماعية العربية للتأصيل والترويج لضرورة الطلاق والانفصال والخلع بدعوى تحرير المرأة العربية.
وحدها برامج الطبخ العربية التي تقدم كل الأكلات وتستعرض كل الوجبات على العكس من معظم برامجنا الثقافية التي تحجب الشعراء الحقيقيين وتأتي بأرباع الشعراء وتوصد أبوابها في وجوه الروائيين وتأتي بأخماس الرواة والروائيات..
وحدها برامج الطبخ العربية التي يقدمها مذيعون ومذيعات فاهمون لأصول الطبخ ومستوعبون للجديد واللذيذ من الأكلات على العكس من معظم برامجنا الرياضية التي يقدمها إما لاعبون لا علاقة لهم بالإذاعة وبالإعلام كله، وإما إعلاميون لا علاقة لهم بالرياضة، والنتيجة إشعال فتنة بين مصر والجزائر كادت تدق معها طبول الحرب..
وحدها برامج الطبخ العربية التي تقدم زاداً حقيقياً لجسم الإنسان العربي على العكس من غالبية برامجنا السياسية والاجتماعية والرياضية التي تقدم سموماً بلا رقيب أو حسيب..